بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم عدد نعم الله وافضاله
القرب من الله جنة يعيش فيها السائرون الى الله , يتفيؤون ظلالها ويتقلبون في نعيمها , في حياتهم الدنيا فيتذوقون من خلالها معنى الجنة الخالدة , وبهذه الجنة يطمئنون بمسيرهم ويشعرون بالسعادة الغامرة تعمر قلوبهم رغم كل الصعوبات التي يواجهونها , والعقبات التي تعترض مسيرهم فيزداد في ظلالها عطاؤهم , ويعظم صبرهم وجهادهم ويقوى التزامهم وثباتهم على منهج الله سبحانه كما ان دخولها في الدنيا دليل على دخولها في الآخرة , ومن حرم العيش في ظلال جنة القرب في الدنيا حرم من دخول جنة الآخرة " ... قال بعض العارفين بالله " في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة " قالوا " وما هي ؟.. قال " جنة القرب من الله .
والله تبارك وتعالى يدعونا لهذه الجنة ويذكرنا بها ويرشدنا الى ما يقربنا بها , نعم , يخبرنا عن الوسيلة الفاعلة التي ترحل بها الى هاتيك الجنة , جنة القرب والأنس به سبحانه وتعالى . قال تعالى " كل لا تطعه واسجد واقترب "
فهاتان وسيلتان كبيرتان بهما تحل حقا بجنة القرب , وتفوز بالحب والأنس .
الأولى " .. ان لا تطيع غيره وان كان من المقربين الذين تحسن الظن بهم وتفتح لهم قلبك , لا تطع هواك ولا تطع نفسك , ولا تطع شيطانك , فطاعتهم تعني مخالفته سبحانه , ومخالفتهم تعني طاعته سبحانه .
ان فعلت هذا او صدقت فأخلصت , جاءتك الوسيلة الثانية جائزة كريمة , ونعمة عظيمة , وهي السجود بين يديه , منزلة القرب الحقيقي منه سبحانه وتعالى " فأقرب ما يكون العبد من الله وهو ساجد .
وحين يحصل للسائر القرب منه سبحانه فإنه يغدوا في حال ايمانية عظيمة يسوقه الشوق ويذكره الحب ويأخذ به إليه الفكر والنظر , فهو على موعد دائم , عبر عن هذه الحال احد العارفين بالله أبو بكر الشبلي شعراً بقوله
على بعدك لا يصبر ......... من عادته القرب
ولا يقوى على هجرك ...... من تيمه الحب
فإن لم ترك العين ......... فقد ابصرك القلب
ونفهم من هذا ان الذي يصبر على البعد عنه سبحانه ويصبر على المكوث على معصيته , ويأنس بذنوبه هو الذي ما ذاق القرب من الله سبحانه وتعالى ولم يحظ بشيء من لحظات القرب ولم يتعرض لنسمات الأنس او تجليات الخلوة به ......
اما من ذاق حلاوة القرب وسعادة الأنس , ولذة المناجاة فحاله حال ابي بكر الشبلي وحال من وصفهم الله في كتابه الكريم بقوله " .. تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون .
وحين تتأمل في قوله ( تتجافى ) تدرك حقيقة حال القوم بليلهم مع ربهم وحقيقة ما عليه الكثيرون من سائري ايامنا هذه , وحال من اخبر عنهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله في وصف أهل الاحسان " .. ان تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ...
فانظر اين انت ؟ .... وما موقعك منه سبحانه ؟
هل تشعر بالقرب منه ؟ ؟
فلذلك علامات لا تخفى على الصادقين من السائرين , فهل ثمة علامات تقوم شاهدا على صدق مسيرك هذه السنوات الطوال من المسير إليه ؟؟؟
فهو يدعوك للقاء حدده , وموعد ضربه , كل ليلة في الثلث الأخير منها , فهل لك في نصيب قل او كثر ؟
وهو يرشدك عند المصيبة تصيبك , والإبتلاء يحل بساحتك الى أقوال تقولها , وحال تتلبسها فهل انت كذلك ؟؟؟؟؟؟
هذه بعض علامات من حل بجنة القرب من مولاه , فهل عندك منها شيء تحمد عليه مولاك او لم تجد لها أثراً فترثي حالك ,, وتعيد النظر في مسيرك ؟؟؟
وفقنا الله واياكم لصالح الاعمال والاخلاق لا يهدي لصالحها الا الله سبحانه وجعلنا من المقربين اليه لكي نفوز بجنة القرب منه اللهم امين يا ارحم الراحمين